صيغ الدعاوي

الأحد، 1 سبتمبر 2013

أمانة المحامي


 

أمانة المحامى

 

إنها تاج الفضائل .

      ولقد صدق الله العظيم حين رسم الأمانة كصفة هى أسمى الصفات الطيبة ، وصور قوتها وضخامتها ، ثم رثى لبنى الإنسان لأنهم يضعفون عن حملها حين قال سبحتنه وتعالى :

      ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا ) .

     ولقد كانت الأمانة هى الصفة الأولى التى أنعم بها الله على نبيه الكريم محمد في صباه وشبابه ليرفعه بهذه الصفة في أعين مواطنيه وأهليه حتى إذا ما تهيأ لنزول الرسالة عليه كان كفؤاً لها مقتدراً .

      ولذلك صنع محمد صنعاً جميلاً في معاملاته وتجارته حتى أطلق عليه العرب من قريش وسواها لقب         " الأمين " .

 

     إذن فأمانة المحامى نحو ربه تتألف من عنصرين :

 

(1) أن يعمل ويعمل بإخلاص لفائدة المجتمع . لا مال ولا مجد ولا شهرة وإنما لرفاهية المجتمع وسعادته .

وليس معنى هذا أن يعمل فيلسوفاً متصوفاً ، وإنما يجعل الغاية هى إسعاد المجتمع والمال وسيلته ثم يأتى الأجر في سعيه في المرتبة الثانية . لا أن يكون المال هو الغاية وهو كل شىء !

 

(2) أن يكون ملحوظاً فيه أنه قرض حسن لله . فلا يشتط على الناس فيما يقدر من أتعاب وأن لا يأس ويثور ويطيش حين يأكلون حقه . بل يستعمل حقوقه في رفق . وهو مطمئن إلى أن ماله مدخر عند موزع الأرزاق ومقسم الحظوظ .

 

 

 الأمانة لفنه

 

     إن المحاماة علم ، وفن ، وخلق ، وعمل ( أى صناعة ولا أحب أن أذكر كلمة صناعة لطول ما ابتذل هذا التعبير ) .

     فأمانته نحو فنه من ناحية العلم أن يداوم على الاستسقاء من ينابيعه ، فلا يكتفى بما تعلم في كلية الحقوق . فإنها مبادىء عامة . وسطور قاصرة . وإنما عليه أن يتعمق في كل ما يعرض له من موضوعات . فإذا وكل في قضية – أبسط قضية – فلا يفتى فيها ارتجالا ولا يكتب عريضتها ارتجالا ويسرع الى المرافعة بالمحكمة اعتماداً على معلوماته القانونية المختزنة واستناداً الى معلومات الموكل .

وإنما يقرأ كل ما يتعلق بالقضية من مباحث قانونية وأحكام صدرت وبحوث كتبت ونشرت فلعله يصادف جديداً ومفيداً .

 

الأمانة لموكليه

 

     هى أقوى أنواع الأمانة لأنه لن يكون أميناً لربه ولا لفنه ولا للقضاء ولا لخصمه إلا إذا كان أميناً على موكله . وحق موكله .

     وأمانته نحو موكله تقتضى منه :

 

(1) أن يصدق القول . وأن يمحضه النصح . فيهديه إلى جانب الحق ويجنبه مواطن الباطل . فيبعث بذلك الطمأنينة إلى نفسه إن سار في دعواه . ويحسر عنه الخسارة وضياع المال والوقت والأعصاب إن أقعده عن السير في دعوى فاشلة .

 

(2) أن لا يرهقه بالأتعاب . فيكون ميزان عدل في تقديره . ولا يعامل الفقير كالغنى . ولا المأزوم كاموسع عليه في الرزق .

 

(3) أن يكون كاتماً لسره . فإن السر الذى يلقى به الموكل إلى أذن المحامى هو أغلا الأمانات . وأنفس الودائع .

 

     وقد يكون في كلمة عابرة أو نكتة غير مقصودة ما يفشى السر ويوخم العواقب .

 

     وقد يكون السر يصلح حديثاً يسر السامعين . وقد يكون موضوع حادثة طريقة تسلى المتسامرين وفي إذاعته ضياع مصالح أو تهدم بيوت .

    

(4) أن لا يزعج موكله أو يثير الرعب في نفسه . وكذلك لا يطمئنه بإسراف . بل يكون صادقاً إلى أكبر حد حتى يعرف الموكل حقيقة موقفه . فإن هو أزعجه أساء إليه وقد يوثر ذلك في حياته . وهو إن طمأنه بإسراف قد تأتى النتائج مفاجئة مخيبة للأمل فتؤثر تأثيراً سيئاً . وفى الحالتين لابد أن يهون المحامى في     نظره !

 

(5) أن يعامله برفق وأدب . وأن يجعله يحس أنه إنسان كامل الحقوق في غير إسراف أيضاً . ومن غير تذلل ولا إراقة لكرامته . وليذكر المحامى أنه فنان يحترم الناس – موضوع فنه – ولكن لا يذل لهم .

 

(6)  أن ييسر له الوصول إلى حقه بعد كسب دعواه . فإن شر ما يمنى به صاحب الدعوى بعد أن يكسبها أن يستولى محاميه على المال ثم يساومه على أتعابه .

 

     يجب ألا يمد المحامى يده إلى مال الموكل سواء كان مودعاً أصلاً عنده أو تسلمه تنفيذا للحكم أو الصلح .

 

     فإن خطر امتداد اليد إلى الأمانة نتيجة حاجة ملحة يمتد كالحريق إلى علاقة الطرفين فيتلفها ويتركها رماداً . وقد يحترق أحدهما كأثر لهذه المخاطرة .

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق