صيغ الدعاوي

الجمعة، 22 أكتوبر 2010

أعظم وأعجب محاكمة سمعت بها أذن التاريخ!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نادى الغلام : ياقتيبة ( هكذا بلا لقب )
فجاءه قتيبة وجلس هو وكبير الكهنة أمام القاضي جُميْع
ثم قال القاضي: ما دعواك يا سمرقندي ؟
قال: إجتاحنا قتيبة بجيشه ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا ..
إلتفت القاضي إلى قتيبة وقال: وما تقول في هذا يا قتيبة ؟
قال قتيبة: الحرب خدعة وهذا بلد عظيم وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية ...
قال القاضي: يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب؟
قال قتيبة: لا إنما باغتناهم لما ذكرت لك ...
قال القاضي: أراك قد أقررت، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة، يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل.
ثم قال: قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء وأن تترك الدكاكين والدور، وأنْ لا يبق في سمرقند أحد، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك!!

لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه
، فلا شهود ولا أدلة ولم تدم المحاكمة إلا دقائق معدودة، ولم يشعروا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون من أمامهم، وبعد ساعات قليلة سمع أهل سمرقند جلبة تعلو وأصوات ترتفع وغبار يعم الجنبات، ورايات تلوح خلال الغبار، فسألوا فقيل لهم إنَّ الحكم قد نُفِذَ وأنَّ الجيش ينسحب، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به ..

وما إنْ غَرُبْت شَمسُ ذلك اليوم إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم، ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ..

فيا الله
ما أعظمها من قصة، وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق، أرأيتم جيشاً يفتح مدينة ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج ؟
والله لا نعلم شبه لهذا الموقف في تاريخ أُمة من الأمم.
بقي أن تعرف أن هذه الحادثة كانت في عهد الخليفة الصالح عمر بن عبدالعزيز
حيث أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه بعد دخول الجيش الإسلامي أراضيهم دون إنذار أو دعوة
فكتب مع رسولهم للقاضي أن أحكم بينهم فكانت هذه القصة ألتي تعتبر من الأساطير
 
هي قصة من كتاب (قصص من التاريخ) للشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله ....

وأصلها التاريخي في الصفحة 411 من ( فتوح البلدان ) للبلاذري
طبعة مصر سنة 1932م

الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة عمر بن الخطاب
إلى أبى موسى الأشعري عندما ولاه قضاء الكوفي
" من عبد الله عمر أمير المؤمنين ................. إلى عبد الله بن قيس "
أما بعد – فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فأفهم إذا أدلى إليك وأنفذ إذا تبين لك فإنه لا ينفع تكلم بحق لإنقاذ له.
آس بين الناس في مجلسك وفى وجهك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك .
البينة على من أدعى واليمين على أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق فإن الحق قديم لا يبطله شيء.
والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ومن ادعى حقا غائبا أو بينة فأضرب له أمداً ينتهي إليه ، فإن بينه أعطيته بحقه وإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية ، فإن ذلك أبلغ للعذر وأجلى للعمى.
الفهم .......... الفهم فيما أدلى إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة قم قايس الأمور عندئذ وأعرف الأمثال ثم أعمد فيما ترى إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق ، المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجربا عليه شهادة زورا ومجلودا في حد أو ظنيناً في ولاء أو قرابة ، فإن الله تولى من عباده السرائر وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والإيمان.
وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات فإن القضاء في مواطن الحق مما يوجب الله به الأجر ويحسن به الذكر فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تزين بما ليس في نفسه شأنه الله فإن الله تعالى لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصا فما ظنك بثواب عند الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته.
" والسلام عليكم ورحمة الله "

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

رسالة الى القضاة

القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، به يجتمع الشرع والحكم، وتقوم الدنيا والدين، ويُلزم الناس بالحق المبين،
وهو مسلك وعِرْ ومركب خَطِر، وبقدر خطورته كان فيه الفضل العظيم لمن تولاه، وقام بحقه، فهو مسؤولية كبرى، ورعاية عظمى ، لذا فقد تكاثرت نصوص الكتاب والسنة بمشروعيته ، والأمر به ، وذكر فضله، مع بيان أن ذلك لمن قام به حق القيام، واجتهد في إصابة الأحكام
.
قال تعالى: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ هُمْ  ،
وقال : إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ 
، وقال: يَـادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى 
، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ


وقد ولي النبي صلى الله عليه وسلم القضاء بنفسه، وكذا الأنبياء قبله؛ لأهميته وفضله، ثم تولاَّه أكابر الصحابة وفضلاؤهم كعمر وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن مسعود رضي الله عنهم

وكتب عمر رضي الله عنه لعماله : استعملوا صالحيكم على القضاء واكفوهم
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[إن المقسطين عند الله تعالى على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا]. رواه مسلم.


وقال عمر رضي الله عنه في رسالته المشهورة لأبي موسى
[فإن القضاء عند مواطن الحق يوجب الله به الأجر ويحسن به الذخر].

وقد جاءت نصوص للترهيب من القضاء وبيان ما فيه من الشدة والبلاء، لا للإعراض عنه والتخلي عن توليه لمن ولي القضاء ولم يسأله، وإنما لتهيئة من ابتلي به وإعداد نفسه له. فمن ذلك:

ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [من وُلِّي القضاء فقد ذُبح بغير سكين]
رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة

وبجمع نصوص الترهيب إلى نصوص الترغيب، يتبين عظيم الأجر لمن اجتهد في الوصول إلى الحق وأداء المسؤولية ، مع عظيم الخطر لمن قصَّر في ذلك، مما يدفع بالقاضي المؤمن إلى السعي الدائم لسلوك مسالك النجاة، وطرق طرائق الحق وأسبابه. ومن أعظم ذلك وأنفعه :1_الإلتجاء إلى الله والإقبال عليه والانطراح بين يديه وسؤاله الهداية
ولذا فقد فرض الله على عباده سؤاله الهداية في كل ركعة من صلاة
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
ولئن كان الله قد خاطب أنبياءه محمداً إمام القضاة وسيد التقاة وداود صلوات ربي وسلامه عليهما، فنهاهما عن اتباع الهوى، وحذرهما من الفتنة، فقال جل من قائل لمحمد صلى الله عليه وسلم : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ،
لذا فإنه يتأكد في حق القاضي التعلق بالله والالتجاء إليه والإلحاح عليه بسؤال الهداية للحق، والثبات عليه

وإن من مسالك النجاة الكبرى، وأسباب الهداية العظمى

2إخلاص العمل لله وتجريد القصد،
فمتى أخلص القاضي نيته ، وابتغى الأجر من الله حفظه الله وأعانه ووفقه للقيام بالحق، وإقامته، وضاعف له الأجر، وأسبغ عليه الفضل، وأورثه محبة الله ومحبة الناس


3_من مسالك النجاة وأسباب الهداية والتوفيق والإعانة، الاستكثار من العبادة، فهي الركن الذي لا يهتز، والحبل الذي لا يُحز وما خلقنا الله إلا لها 
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ

فما أحوج القاضي المؤمن إلى نور يضيء له ظلمات الطريق، وعون يشد من أزره في الكربة والضيق


4. وإن من أنفع أسباب الهداية والرشاد وأعظمها أثراً وأكثرها فضلاً، العلم الشرعي ، فهو أشرف مطلوب وأفضل مرغوب ، وأهله هم أهل الرفعة، وأولوا الخشية، كما قال تعالى:  يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ

والعلم يزداد أهمية وفرضية، ويعظم منزلة وقدراً، ويكثر أجراً ونفعاً، لمن ولي القضاء، ونُصب للحكم في الأموال والدماء؛ لما يترتب على علمه من إصابة للأحكام، وتمييز للحلال من الحرام ، وإقامة لمصالح الخلق، وتثبيت لقواعد الحق، ولما ينشأ عن جهله من كبائر وأخطار وتعريض النفس لعذاب النار، مع ضياع الحقوق والأمانات، واستفحال الظلم والخيانات
لذا فإنه يتأكد على القاضي الاجتهاد في طلب العلم لحاجته الماسَّة إليه وألا يحول منصبه بينه وبين الازدياد من العلم



5) إذا تقرر هذا فإنه ما من شك في وجوب العمل بالعلم، والدعوة إلى الله فلا ينتفع صاحب علم لا عمل له بل هو سبيل الخسران

وإن الدعوة إلى الله لتتأكد أهميتها، وتعظم مسؤوليتها على القضاة لما آتاهم الله من سلطان، وعز وبرهان ، مع رفعة المنزلة وقبول الكلمة
وكم من قاضٍ نفع الله به البلاد والعباد، وعمَّ خيره الحاضر والباد



(6) ثم إن من أسباب الفوز بالعلم والعمل، والنجاة من الخسران والزلل ، التحلِّي بالتواضع ، وهي صفة عباد الرحمن
كما قال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً

وإن كان من المعلوم وجوب حفظ القاضي لهيبته بين الخلق؛ لئلا يضيع الحق، إلا أنه لا تعارض بين هذا وبين تعليم الناس ودعوتهم وتفقد أحوالهم وخفض الجناح لهم من غير ضعف مع تفقد النفس ومحاسبتها كي تخلص من الكبر وتسلم من الوزر.


وختاماً : أيها القاضي – وفقك الله وأعانك – تذكر بأنَّ القضاء مسؤولية كبرى ونعمة عظمى، فمن قام بالمسؤولية ، واجتهد في نصح الرعية فاز بالأجر العظيم، ومن قصَّر وفرَّط فهو في خطر جسيم.
فتمثل دوماً ما امتنَّ الله عليك به دون غيرك من الناس؛ لتعلم قدر البلاء، وتشكر النعماء، وتقتدي بخير الأنام عليه الصلاة والسلام فتحمل همَّ إحقاق الحق، وإصلاح الخلق، وتسعى إلى ذلك متزوِّداً بالعلم النافع والعمل الصالح ، متحلياً بالخلق الحسن، متجنباً مزالق الفتن، مستعيذاً بالله مما ظهر منها وما بطن، وداعياً الله بالهدى والتقى والعفاف والغنى، مستعيناً بالله متوكلاً عليه،
مختصر ومنقول من كتاب
رسالة الى القضاة
للشيخ عبدالله الغفيلي

__________________

(( وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ))

اللهم اغفر لوالدي وارضى عنهم يا سميع الدعاء

احكام نقض

قال العماد الأصفهاني " إني رأيت أنه لا يكتب أحد كتابا في يومه إلا قال في غده لو غيرت هذا لكان أحسن ، ولو زيد هذا لكان يستحسن ، ولو قدم هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل ، وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل علي أستياء النقص علي جملة البشر "
كلمة شكر

نود في البداية
أن نتقدم بالشكر الجزيل إلى أساتذتنا الأفاضل الذين أمدوني بنصائحهم الغالية وإرشاداتهم النيرة، و كذا حسن معاملتهم ورحابة صدرهم .
فكانوا نعم الموجهين طيلة مراحل حياتي ، رغم كثرة مشاغلهم التدريسية و الإدارية.

كما نشكر كل من ساهم في إنجاز هذا العمل العظيم